إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
خطبة الجمعة العطيف
8268 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل الحج والعمرة

وهذا الحج الذي هو في هذه المواسم، لا شك أنه أفضل أو من أفضل الأعمال التي تعمل في هذه الأيام؛ ولأجل ذلك ورد فضله، وكثرة الثواب عليه في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه أو خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ؛ وذلك دليل على فضله؛ حيث إنه يكفر الله به الخطايا والسيئات، فيقنعك أنه ليس عليه أي ذنب ارتكبه، هذا دليل فضل الله على من وفقهم لهذه المناسك العظيمة.
وكذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة والحج المبرور: هو الذي تمت شروطه، وتمت أركانه وواجباته وسننه، وصار صاحبه بارا بحيث إنه قد يكون بارا في عمله، ليس فيه رياء ولا سمعة ولا تزلف وأخلص فيه، وكمل مناسكه؛ فيكون بذلك مبرورا.
ومن بره أن يكون زاده حلالا وراحلته حلالا، روي في حديث: أن الرجل إذا خرج حاجا بزاد حلال ووضع رجله في الغرز، ونادى: لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك؛ زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بنفقة حرام، فوضع رجله في الغرز، وقال: لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد: لا لبيك ولا سعديك؛ زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور .
وهذا يؤكد على المسلم أن يتزود الزاد الحقيقي؛ الزاد الحلال؛ ولذلك قال تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ؛ أي تزودوا في طرقكم بما يكفيكم زادا وقوتا ونفقة، ولكن عليكم أن تختاروا النفقة الحلال؛ حتى يقبل حجكم، ويضاعف أجركم، وإياكم وأكل الحرام والنفقة من الحرام؛ فإن ذلك سبب في رد العمل وعدم قبوله.
وكذلك أيضا في بقية الأحوال، فإن على المسلم أن يتحرى النفقة الحلال؛ حتى تقبل أعماله، ويبتعد عن الحرام، ورد في حديث: كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ؛ يعني إذا تغذى .. على السحت وأكل الحرام فليس من أولياء الله، حري أن يحرق، وأن يدخل في النار -والعياذ بالله- وهذا يحث المسلم على أن يتحرى في كسبه، ويبتعد عن أكل الحرام، أو عن أكل الشبهات التي تكون سببا في رد أعماله، في رد حسناته وصلواته وعباداته وعدم قبولها.

line-bottom